منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان الوثيقة الختامية

بدعوة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة المغربية
والمعهد الدولي للنهوض بحقوق الإنسان ـ يونسكو
بالأرجنتين، انعقد المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمدينة
الرباط، يومي 17 و18 فبراير 2023.
تميز المنتدى المنعقد قبيل الدورة الثالثة للمنتدى العالمي
لحقوق الإنسان (بوينس آيرس، مارس 2023) بمشاركة
مسؤولات/ين ومدافعات/ين عن حقوق الإنسان
وبرلمانيات/ين وممثلي المجتمع المدني وخبراء
وأكاديميات/ين من خمسين دولة من مختلف أنحاء العالم،
فضلا عن هيئات المعاهدات بمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد
الإفريقي.
ثمن المشاركات/ون عمل المدافعات/ين عن حقوق الإنسان
والمنظمات والمؤسسات وجهودهن/هم من أجل إثراء النقاش
وبناء حوار مفتوح وتعددي؛ مشددين على أن الحوار وتبادل
التجارب والخبرات كان وسيبقى رافعة أساسية للنهوض
بحقوق الإنسان.

فضلاً عن ذلك، تدارس المشاركات/ون بعمق العديد من
العوامل المتعلقة بالتحديات المرتبطة بمواضيع متداخلة
ثلاث، وهي الهجرة والتغيرات المناخية والعدالة
الانتقالية/الذاكرة، وجددوا التأكيد على أهمية المنتدى العالمي
لحقوق الإنسان باعتباره فضاء للحوار والنقاش وبناء الثقة،
يتيح الفرص للمشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة لمختلف
الفاعلين المعنيين.
عبر المشاركات/ون عن الانشغال من تزايد تسييس النقاشات
حول حقوق الإنسان، وهو ما من شأنه الحد من الجهود
والتأثير سلبياً على العمل والمبادرات الرامية إلى حماية
حقوق الإنسان والنهوض بها بكل مناطق العالم.
جدد المشاركات/ون الدعوة لضرورة توفير الحماية
للفلسطينيين وصون كرامتهم الإنسانية وحماية حقوقهم
الأساسية ووجهوا توصية بإدراج قضية حقوق الإنسان
بفلسطين ضمن أجندة الدورة الثالثة للمنتدى العالمي لحقوق
الإنسان بالأرجنتين.
ذكر المشاركات/ون بأهمية مخرجات الدورة الأولى للمنتدى
العالمي لحقوق الإنسان بالبرازيل ودورته الثانية المنعقدة
بالمغرب، فضلا عن تقاسم الممارسات الفضلى والتجارب
والدروس المستقاة والتقدم المحرز منذ انعقاد هاتين الدورتين.

بشأن التغيرات المناخية:

سجل المشاركات/ون بانشغال كبير أن التغيرات المناخية
أصبحت تشكل خطرا حقيقيا غير معتاد وعابراً للأوطان،
يهدد الحقوق الإنسانية الجوهرية في مختلف البقاع وأن
إفريقيا والدول الجزرية تقع في خط المواجهة الأمامي
للتغيرات المناخية، مستشهدين، على سبيل الذكر لا الحصر،
بالتهديد الوجودي الذي يهدد دولتي المالديف وفانواتو.
إضافة إلى ذلك، أعاد المشاركات/ون التأكيد على أن
التغيرات المناخية ترتبط بشكل مباشر أحيانا بالهجرة
وبأشكال عديدة من العنف وعدم الاستقرار في سياقات تتميز
بالهشاشة، حيث شددوا في هذا الإطار على أهمية تسليط
الضوء على الهجرة المناخية باعتبارها شكلا من أشكال
الهجرة القسرية بالقارة الأفريقية وبدول الجنوب بشكل عام.
فيما يتعلق بالتمويل المناخي، الذي لا ينبغي أن يشكل عبئ
إضافيا على مديونية الدول النامية، أعرب المشاركات/ون
عن الارتياح جراء اعتماد قرار بشأن صندوق الخسائر
والأضرار المناخية خلال الدورة 27 لمؤتمر الأطراف في
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
(COP27)، غير أنهم أعربوا عن انشغالهم العميق
بخصوص إعمال هذه المبادرة وفعليتها، بالنظر إلى الغموض
الذي يكتسي التمويل والتدابير اللازمة لتنفيذه.
خلص المشاركات/ون إلى أن إنشاء هذا الصندوق لا ينبغي
أن يصرف الانتباه عن ضرورة التصدي للأسباب الرئيسية
للتغيرات المناخية ولا أن يكون بديلا لذلك، أو عن اتخاذ

تدابير فعالة لتعزيز مناعة الدول ضد آثار التغيرات المناخية
(resilience) بالمناطق الأقل مسؤولية عن الأزمة المناخية
التي تظل الأكثر هشاشة وعرضة لآثارها بما فيها القارة
الأفريقية وأمريكيا اللاتينية والدول الجزرية.

بشأن الهجرة والحركية:
شدد المشاركات/ون على الحاجة إلى إعادة النظر في
الحركية وتجاوز مفهوم الهجرة من أجل ضمان حماية حقوق
الإنسان في السياقات المختلفة.
استشهد المشاركات/ون في هذا السياق بالقيود التي فرضتها
جائحة كوفيد على حق الأشخاص في العودة إلى بلدانهم. كما
كان الإطار القانوني لحماية حقوق المهاجرين وفعاليته
وتدابير الحكامة المتصلة به وكذلك الحقوق الثقافية لجميع
فئات الأشخاص الذين يعيشون خارج بلدانهم الأصلية من بين
القضايا التي حظيت باهتمام خاص خلال المنتدى.
سجل المشاركات/ون بروز بعض الأسس لحكامة دولية
محتملة للهجرة، وإن كانت تعتريها بعض النواقص التي
ينبغي معالجتها. ولقد كان اعتماد الميثاق العالمي من أجل
الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية بمراكش علامة فارقة في
إرساء حكامة عالمية للهجرة. غير أنه بالرغم من اعتماد
عديد من الاتفاقيات والمعاهدات، يبقى أمام إعمال مقتضيات
الميثاق وتنزيله تحديات حقيقية. كما أن أغلب دول الاستقبال

قد فشلت حتى الآن في الوفاء بالتزاماتها الدولية فيما يخص
توفير الحماية للمهاجرين وأسرهم، مما يزيد من هشاشتهم
وتعرضهم للتمييز الممنهج ويجعلهم فريسة سهلة للاتجار في
البشر.
شدد المشاركات/ون على أهمية الترافع من أجل مصادقة
جميع الدول، ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي والولايات
المتحدة، على الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال
المهاجرين وأفراد أسرهم. كما ألحوا على أهمية الاتقائية بين
الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد
أسرهم والميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة
والنظامية من أجل تعزيز حماية حقوق المهاجرين.
أكد المشاركات/ون أن للهجرة أسباب متعددة، من بينها
فوارق التنمية بين دول الشمال ودول الجنوب وأن عوامل
الهجرة تتفاقم بفعل استمرار بؤر التوتر والنزاع المسلح في
العالم.
اعتبر المشاركات/ون أن التعامل مع الهجرة يعتمد بشكل
كبير على مقاربة أمنية تؤدي في غالب الأحيان إلى إغفال
متطلبات الحماية والاندماج ومبادئ المسؤولية المشتركة
وضرورة المشاورات متعددة الأبعاد والأطراف.
كما عبر المشاركات/ون عن انشغالهم من زخم التركيز على
الأمن في الخطاب المتعلق بالهجرة، أو "أمننة الهجرة"
(securitization of migration)، بالعديد من الدول

ومن تركيز التقارير على الأبعاد السلبية للهجرة في الغالب،
في الوقت الذي يمكن للهجرة أن تجلب منافع اجتماعية
واقتصادية للمهاجرين وأسرهم وأيضا لدول الهجرة ودول
الاستقبال؛

بشأن العدالة الانتقالية والذاكرة:
سجل المشاركات/ون أنه بالرغم من أن معظم تجارب العدالة
الانتقالية قد جرت بدول الجنوب، إلا أن المساهمات على
مستوى التنظير والتقييم تتبلور بدول الشمال، في حين ينبغي
أخذ العوامل المرتبطة بالسياقات بعين الاعتبار خلال تقييم
التجارب السابقة في مجال العدالة الانتقالية أو عند المبادرة
لإطلاق تجارب أخرى في المستقبل.
أشاد المشاركات/ون بتجارب العدالة الانتقالية في دول
الجنوب بما فيها المغرب والأرجنتين والشيلي وغانا وجنوب
أفريقيا وشددوا على أنه ينبغي عند تقييم مسارات العدالة
الانتقالية على مستوى الذاكرة والتاريخ الانتباه إلى مجموعة
واسعة من أشكال التعبير عن الذاكرة والتأريخ والسرد،
باعتبار أنه يمكن التعبير عن الماضي عن طريق الموسيقى
والشعر والرقص والرسم والمسرح الشعبي والصناعة
التقليدية وأشكال من الصمت أيضا. لا يجب اعتبار الذاكرة
وسيلة لضمان عدم التكرار والمصالحة مع الماضي فحسب

بل أيضاً ركيزة من ركائز تكريس المنظومات الديمقراطية
المستدامة.
في حين تهدف مسارات العدالة الانتقالية إلى التعامل مع
معاناة الضحايا بغض النظر عن النوع، أظهرت التجارب أن
النساء أكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان. لذلك يجب
إرساء أسس وآليات وفق مقاربة نوع تأخذ بعين الاعتبار
وضعية النساء باعتبارهن فئة هشة في ماضي الانتهاكات
الجسيمة لحقوق الإنسان، يمكن أن تستمر معاناتهن حتى بعد
انتهاء مسار العدالة الانتقالية، خاصة أنهن قد يصبحن ضحية
للوصم المجتمعي.
شدد المشاركات/ون على أن الذاكرة عنصر محوري في
مسلسلات العدالة الانتقالية، باعتبارها آلية للوقاية من
الانتهاكات مستقبلا. لذلك يجب صون الذاكرة من خلال
إحداث مؤسسات ونهج سياسات وطنية ومناهج تعليمية
تستحضر أهميتها.
ختاماً، قرر المشاركات/ون تقديم هذه الوثيقة الختامية لمنتدى
الرباط العالمي لحقوق الإنسان خلال الدورة الثالثة للمنتدى
العالمي لحقوق الإنسان، الذي سيعقد بالأرجنتين في مارس
2023، من أجل تعزيز أشغاله وإثراءها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى